أسطورة آكل البشر

أسطورة آكل البشر هو أحد الأعداد الأكثر إثارة ورعبًا في سلسلة ما وراء الطبيعة للدكتور أحمد خالد توفيق، حيث يقدم لنا الكاتب تجربة مخيفة تدور حول واحدة من أظلم الظواهر في التاريخ الإنساني: الكانيبالزم أو أكل لحوم البشر. هذا العدد يفتح بابًا مرعبًا على عالم مظلم يخشاه الجميع، لكنه في الوقت ذاته يثير الفضول لمعرفة ما يكمن وراءه.

تبدأ القصة بجملة صادمة تضع القارئ مباشرة في قلب الرعب: ماذا لو اكتشفت فجأة أن هناك آكل لحوم بشر يعيش في مدينتك؟ بل في شارعك؟ بل في المنزل المقابل لمنزلك؟ بهذا التساؤل المرعب يجذب أحمد خالد توفيق القارئ إلى دوامة من الشك والخوف، حيث يتحول الجار الهادئ إلى مصدر تهديد، وتتحول أبسط التفاصيل اليومية إلى علامات تحذير مخيفة.

يستعرض الكاتب عبر شخصية الدكتور رفعت إسماعيل تفاصيل تلك الأسطورة، محاولًا –كعادته– الجمع بين السخرية الخفيفة والتحليل العلمي والحكايات الشعبية التي تتوارثها الأجيال. ومع تقدم الأحداث، تتصاعد التوترات، وتبدأ الشواهد الغريبة في الظهور: أصوات مبهمة في الليل، تصرفات غير مألوفة، وروائح تجعل الذاكرة البشرية تستحضر كل قصص الرعب الممكنة. ومع كل خطوة، يقترب القارئ من الحقيقة المُفزعة التي تتربص خلف الأبواب المغلقة.

يطرح الكتاب سؤالًا مثيرًا: كيف يمكن أن يختبئ مثل هذا الوحش في صورة إنسان عادي؟ وكيف يمكن للمجتمع أن يظل غافلًا عن وجود شخص يمارس طقوس الكانيبالزم بانتظام؟ ينسج أحمد خالد توفيق الأحداث ببراعة، فيجعل القارئ يعيش حالة من الترقب، يشعر فيها بأن الخطر قريب، قريب جدًا، لدرجة أن الطرق الخفيف على الباب بعد منتصف الليل يبدو كتهديد مباشر.

يعتمد الكتاب على أسلوب الرعب النفسي الذي برع فيه مؤلف السلسلة، رعب يعتمد على التلميحات والخيالات أكثر من اعتماده على الوصف المباشر. هذا ما يجعل القارئ متورطًا بالكامل في الأحداث، يتحسس كل حركة حوله وكأن آكل البشر قد ينتظر خلف الباب.

يأخذنا رفعت إسماعيل في رحلة بحث وتحقيق، يحاول فيها فهم منطق الأسطورة، ومصدرها، والحدود التي تفصل بين المرض النفسي والوحشية المجردة. ومع كل صفحة، تتسع دائرة الخطر وتتزايد الشكوك، وصولًا إلى لحظة المواجهة التي تجعل القارئ يعيد التفكير في كل ما كان يظنه مألوفًا أو آمنًا.