أرض زيكولا: أماريتا

تأتي رواية أماريتا كجزء ثانٍ مكمّل لأحداث أرض زيكولا، لكنها تُقدَّم تجربة أكثر نضجًا وعمقًا من حيث البناء الدرامي واتساع عالم الرواية. ففي هذا الجزء، تتبدّل ملامح أرض زيكولا بالكامل؛ تلك الأرض التي كانت رمزًا للمرح والاحتفالات والقوة، تتحوّل فجأة إلى ساحة خوف وارتباك بعد الأحداث المفصلية التي وقعت في نهاية الجزء الأول. تظهر وجوه أهل زيكولا شاحبة مذعورة تحت وهج المشاعل، في مشهد يكشف هشاشة القوة التي طالما تباهوا بها أمام الآخرين.

يضع الكاتب في هذا الجزء شخصية أسيل في قلب الأحداث، لتصبح محور الرواية وبطلتها الأساسية بعد أن تراجع الحضور المباشر لشخصية خالد التي قادت أحداث الجزء الأول. ورغم أن أهل زيكولا يحمّلون أسيل مسؤولية ما تمر به أرضهم، إلا أن النصّ يلفت الانتباه إلى أن هؤلاء القوم أنفسهم هم من استنزفوا ذكاءها دون أن تُسيء إليهم يومًا. ومن هنا تظهر إحدى أهم رسائل الرواية: أن الظلم حين يعود إلى أصحابه يكون أشد وقعًا ممّا يتصورون.

يمتاز هذا الجزء بتوسّع عالم السلسلة من خلال دخول أماريتا، تلك الأرض التي ترتبط بتاريخ زيكولا بأحداث خفيّة وشخصيات غامضة، والتي تلعب دورًا مهمًا في تصاعد الحبكة وكشف الأسرار القديمة. ومع ظهور هذه المملكة الجديدة، يأخذ الكاتب القارئ إلى تاريخ بعيد، يشرح فيه جذور الصراعات ويكشف القواعد الحقيقية التي تحكم هذا العالم الغريب الذي بُني على تبادل الذكاء بدلًا من المال.

ويبرز في الرواية أسلوب عمرو عبد الحميد القوي في وصف المعارك والمواجهات الحربية، إضافة إلى الدقة العالية في تصوير خطط الحروب وتحليل تكتيكات الصراع. وتتميز صفحات الرواية بإيقاع سريع مشوّق يجعل القارئ يتتبع الخيوط المتشابكة بين زيكولا وأماريتا، محاولًا فهم الروابط القديمة التي دفعت الأحداث إلى هذا المستوى من التوتر.

كما يعتني الكاتب بإظهار التحولات النفسية التي تعيشها أسيل، فبين الشعور بالذنب ومحاولة اكتشاف الحقيقة، وبين الهروب والمواجهة، تتشكل شخصية قوية تقود الرواية نحو ذروتها. وتُعد هذه المعالجة النفسية أحد أهم العناصر التي جعلت الرواية محط اهتمام القُرّاء ومحبي الأدب الخيالي العربي.