رقص السنابل

في مرحلة سابقة ابتدأت من 2010 إلى عام 2015، كنتُ قد كتبتُ هذه الأبحاث والمقالات التراثيّة التوثيقيّة، تظافرت أسبابها عندي بما جعلني أكتب ما سمعت، وما تتبعت من ألسنة النّاس من التراث الشّفاهي، والاشتغال عليه لجعله مادة مقروءة، سهلة التناول للقارئ. التراث ليس ترفًا نلجأ إليه، ولكنّه ميدانًا واسعًا فسيحًا لذوي الهمّة من الدّارسين الأكاديميين والهواة، لتوثيق ما يستطيعون، التراث هويّة الشّعوب ورثته، وأخذته جيلًا عن جيل، وأبًا عن جدّ. وهو نوع من أنواع المقاومة في وجه التغيرات السّريعة، التي تعصف بمجتمعاتنا عامّة، وذلك للمحافظة على ثوابتنا القيميّة، حتى لا تفقد الأجيال الحاليّة والقادمة صلتها وروابطها بماضيها وتاريخها، فالصّراعات كثيرًا ما تدور من أجل التّاريخ وعلى التّاريخ، كما حدث مع الحركة الصّهيونيّة، وصراعاتها لإثبات جذورها في فلسطين، التي احتّلت أرضها وطردت شعبها، ولم تكتف بذلك بل لجأت بكافّة السُّبُل المُتاحة لسرقة التراث الفلسطينيّ، وتجريد أهله وصانعيه منه. في بلاد الشّام تتشابه الكثير من الحالات التي دوّنتها في كتابي (رقص السّنابل)، لذلك كنتُ أركّز على (أهل حوران) حصرًا؛ لتفادي اختلافات الكلام ومؤدّاها، فما هو سائد هنا غير معروف هناك، فكلّ منطقة جغرافيّة سمة تختلف عن الأخرى. (من بصرى الشام إلى إربد).