فاتتني صلاة

في الصغر إعتدنا أن يأمرنا من يكبرنا بالصلاة .. فنمتثل للأمر ثم نذهب لنصلي فنجد أن الصلاة ثقيلة .. فنتركها !! نسمع شيخاً يتحدث عن الصلاة وأهميتها وعقوبة تاركها فنذهب لنصلي فنجد ان الصلاة ثقيلة فنتركها، ظننا ان من يأمرنا بها لايشعر بما نشعر به ظننا ان من يحافظ عليها لديه هبة إلهية ليست عندنا انتظرنا تلك الهبة طويلاً، حتي فاتتنا صلاة بعد الصلاة لاننا لم نحل اصل المشكلة وهو لماذا تبدو الصلاة ثقيلة.

يعتبر الكتاب مفيدًا لكل مسلم يرغب في تحسين جودة صلاته والتحلي بالانضباط في تأديتها، و منه نحو تأثيرها الإيجابي لذا لابد اولاً من الاشارة الى حساسيتها و دورها المحوري في بناء الفرد المسلم من الناحية الروحية والنفسية ثم السلوكية وبالتالي الاجتماعية.

قبل كل شيئ الصلاة هي طريقة للتواصل مع الله و التقرب منه تعزز الوصلة بين العبد وربه، مانحة شعوره بالامان النفسي وتترجم تلك الحالة النفسية الى فعل سلوكي يساعد على التربية الاخلاقية والعمل الإجتماعي الإيجابي. ولا يخفي عنا دعمها للحالة البدنية للمصلي من باب تحسين اللياقة  والحركية.

بعدها نتساءل حول المقدرة التي تبدو تعجيزية لنا لأولائك الذين لايتخلفون لحظة عن إقامة واجباتهم اليومية وبنفس الإقبال واللذة وما افضلُ توصيف لهذه الحالة بضرب مثال لرجل قد بلغ من الكبر عتيا بحالة صحية أسوء وبفترة نوم اقل منك ومني تراه في الابكار البارد يهرول نحو المسجد وكأن مكافئة العمر تنتظره هناك. أن التساؤل حول هذه الحالة يقودنا مباشرة الى مراقبة الاشخاص الناجحين في حياتهم. واضحٌ ذلك التشابه بين الحالتين و لنقارنهما بالقوم الخاملين الكسالى وهنا ركز الكاتب على حالة المتخاذلين عن الصلاة وجاء بمحاولات لفهم وتأسيس الأدوات المناسبة لإصلاح هذا السهو.

ان من الخصائص المشتركة بين هذه الفئة، عمق الميزة النفسية او المبدأ اليومي بحيث نرى السمات الاساسية التالية:

• عالم يوما ما وهو عالم يصنعه الانسان لنفسه يخلق فيه كامل الاعذار لتأخره او فشله و ينتظر فيه رفع الحواجز التي صنعها لنفسه من تلقائها  ولحل هذا الوهم نأتي الى مبدأ "قوة الان" وهي نفي الحجاج النفسي لبرمجة الافعال وترتيبها الزمني متجنباً كل اشكال الأعذار  والتأجيل و القدرة على التركيز والتحكم في اللحظة الحالية ومنه للإقبال على صلاة يشترط التحكم في الانفعالات السلبية وتحقيق الاندماج الكامل مع المحفز الايماني والدافع الروحاني وهذا النشاط ليتجسد في الوقت المحدد.
• الاعذار او الاستثناء: بشكل عام يتكأ الانسان على كم هائل من الاعذار  كأسباب  يقدمها لتبرير عدم قيامه بواجب معين و لتبرير عدم القدرة على القيام بالمهمة المطلوبة أو لتأجيلها  متوهما في ذلك وقوعه في حالات نادرة  تختلف عن الحالات العامة وبالتالي ليس عليه التركيز على القواعد العامة السائدة  فهو يمثل حالة خاصة تستوجب معاملة مختلفة فيتهرب من تأدية صلاته بدون ان تكون الاستثناءات معقولة او تستند إلى أسس واضحة ومنطقية يعد تجاوزها ضرب من المحال. ومن المهم الإشارة إلى أن استخدام الاعذار بشكل دائم وتبرير الأخطاء بواسطتها قد يؤدي إلى فقدان  فعالية الشخص وتأثيره في العمل الكسبي او العمل الروحاني ولتحاوز هاذا العائق نستحضر العقلية الناجحة والتي اولها ضبطٌ النفس وكسب القدرة على التحكم في الانفعالات والأفكار والسلوكيات الخاصة بالفرد في مختلف المواقف والظروف. وهي مهارة ضرورية للاشخاص الناجحين لتضمنها أساليب تنظيم الوقت وكبح الرغبات المكلفة للمورد المادي والزمني على حساب ضروريات وحاجيات الانسان نحو طريقه لهدفه.
• ولا شك ان التامل و الاسترخاء من اهم اساليب ضبط النفس و نجد فعل الصلاة انسب أداة للوصول الى السكينة والهدوء لقوله صلى الله عليه وسلم "ارحنا بها يابلال". ومن مقتضيات الضبط ايضاً ذلك التجاوز للمعتقدات والأفكار السلبية وهذا شكل من الأشكال المتضمنة في الصلاة الخاشعة.
• ختاماً التحفيز  وهو عملية تحريض الفرد على القيام بأنشطة أو تحقيق أهداف محددة. وتساعد عملية التحفيز الفرد على العمل بجد وتحسين الأداء لبلوغ نجاح في المجالات الشخصية. وهنا يكون المحفز الأساسي هو نيل مكافئة السكينة والراحة النفسية عقب كل صلاة بعد تحديدها كهدف، لأن الأهداف بحد ذاته افضل محرك للانسان.