المجذوب

صرخة مسعورة تردد صداها بلا انقطاع خلف شاب في منتصف العمر يلهث بلا انقطاع وهو يعدو داخل نفق حجري قديم.. كان النفق يستمد إضاءته من مشعل قديم أوشكت نيرانه على الموت.. استند الشاب بظهره على الجدار الحجري محاولا التقاط أنفاسه المتقطعة وهو يتلفت وراءه في انتظار المجهول القادم.. شعر أن النفق ينبع من باطن الجحيم.. للحظة تمنى أن يكون كل ذلك مجرد كابوس سيستيقظ منه بعد قليل لكن تلك الدماء التي تسيل من ساقه اليسرى لخير دليل على واقعية ما يحدث.. مد يده يحاول كتم الدماء التي أغرقت قدمه وتركت خلفه خيط طويل من اللون الأحمر.. شعر بشيء صلب مغروس داخل الجرح.. حاول إخراجه بسرعة.. أطلق صرخة عالية وهو يخرجه قبل أن يرفعه أمام بصره المذعور.. كان ناب ضخم اسود اللون.. ناب لا ينتمي من قريب أو بعيد لأي مخلوق يعيش على أرضنا.. لم يمهله هذا الشيء سوى ثوان قليلة قبل أن تنطلق صرخة أخرى غاضبة اصطدمت بوجه الشاب الذي اتسعت عيناه ذعرا قبل أن يتحرك وهو يعرج قدميه مستندا على الجدار بصعوبة.. بدا له أن الممر ممتد إلى غير نهاية.. لم يكن إحساسه صحيح، فبعد أمتار قليلة انتهى به الممر إلى حائط مسدود.. لاحظ الشاب وجود عظام بشرية وجماجم مهشمة أسفل هذا الحائط.. أيقن الآن إن هناك آخرون انتهى بهم الطريق مثله ولم يجدوا مهربا.. كانت ما تزال أثار دماء جافة متناثرة هنا وتختلط ببعض اللحم الممزق والأمعاء المهروسة. صوت خطوات ثقيلة تقترب ممتزجة بفحيح حاد.. التفت الشاب نحو الشيء القادم.. انتابه اليأس وسقط على الأرض متوسلا وطالبا الرحمة: – أرجوك.. مكنش قصدي.. مكنش قصدي كان الرد صرخة غاضبة.. غاضبة جدا. تابع الشاب الأنياب البشعة والمخالب المخيفة وهي تقترب منه.. السطر الأخير في حياته على وشك أن يكتب.. ثم سكن كل شيء بغتة.. ثوان وأطلق الشاب صيحة الم وصل مداها حتى بداية ونهاية الأرض، بعدها ران صمت ثقيل داخل الممر.. صمت لم يقطعه سوى صوت أسنان تقطع.. وتمضغ