السلطان محمد الفاتح

كتاب السلطان محمد الفاتح للمؤلف محمد سالم الرشيدي يقدم سيرة شاملة وعميقة لإحدى أهم الشخصيات في التاريخ الإسلامي، ذلك القائد الذي غيّر مجرى التاريخ بفتح القسطنطينية، محققًا بشارة النبي ﷺ: «لتفتحن القسطنطينية، فلنعمَ الأميرُ أميرُها، ولنعمَ الجيشُ ذلك الجيش.» يعرض الكتاب بأسلوبٍ سهل ومُوثق مسيرة السلطان محمد الفاتح منذ نشأته وحتى وفاته، مع إبراز دوره العظيم في نشر الإسلام وتثبيت أركان الحضارة العثمانية.

يركّز الكاتب على نشأة محمد الفاتح في بيئة تربوية تجمع بين التديّن الصادق، والانضباط العسكري، والتعليم الراقي، وهو ما أسهم في تكوين شخصية قائد فذ يمتلك رؤية سياسية وعسكرية نادرة. كما يوضح الكتاب كيف استطاع هذا السلطان الشاب أن ينهض بالدولة العثمانية ويعزز قوتها عبر الإصلاح الإداري والعسكري والعلمي، مؤكدًا مكانته كأعظم سلاطين آل عثمان.

يتتبع الكتاب تفاصيل فتح القسطنطينية، ذلك الحدث المفصلي الذي نُقِل به العالم من مرحلة إلى مرحلة جديدة. يعرض المؤلف التخطيط الدقيق، والابتكارات العسكرية، والقيادة الحكيمة التي مكّنت الفاتح من فتح المدينة التي استعصت على الجيوش لقرون طويلة. كما يكشف الكتاب كيف جمع السلطان بين القوة والعدل والتسامح بعد الفتح، مؤسسًا عهدًا جديدًا من الاستقرار والتعايش الديني.

كما أفرد المؤلف مساحة للحديث عن الجانب الإنساني والروحاني في شخصية السلطان، حيث يبرز الكتاب وصاياه لابنه بايزيد قبيل وفاته، والتي تكشف عن صلاح قلبه وعمق إيمانه، إذ أوصى ابنه بأن يجعل نشر الإسلام هدفًا أساسياً، وأن يرفع شأن العلماء، ويحافظ على جوهر الدين، وأن يبتعد عن البدع ويقرب منه الصالحين وأهل العلم. وهذه الوصايا تعكس صورة ملكٍ عظيم لم يكن مجرد قائد عسكري، بل رجل إصلاح وهداية.

ويستعرض الكتاب إنجازات محمد الفاتح الحضارية، مثل اهتمامه بالعلوم والفنون، وبناء المدارس، وتشجيع العلماء، مما جعل عهده مرحلة مزدهرة في تاريخ الدولة العثمانية. كما يناقش أثره الممتد في التاريخ الإسلامي وكيف ظلت إنجازاته مصدر إلهام للقادة والمصلحين حتى يومنا هذا.